أربعة أسئلة لمدير وكالة الحوض المائي الساقية الحمراء ووادي الذهب، سيدي مختار الكنتي

الداخلة الرأي :
سلط مدير وكالة الحوض المائي الساقية الحمراء ووادي الذهب، سيدي مختار الكنتي، الضوء، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، على جملة من المعطيات حول السياسة المائية في هذا الحوض وسياسة السدود التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بالإضافة إلى تدبير ندرة المياه في المنطقة و التدابير المتخذة لضمان تدبير مستدام للموارد المائية.
1- : ما هي الخصائص المميزة للسياسة المائية في الحوض المائي الساقية الحمراء ووادي الذهب التي من شأنها أن تساهم في تنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة؟
ت جسد السياسة المائية المتبعة بحوض الساقية الحمراء ووادي الذهب تتويجا لعملية مؤسسية وتقنية مهيكلة، ترتكز على أربعة محاور أساسية، تشمل التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد الذي يتماشي مع الاستراتيجية الوطنية للماء في أفق 2050، وتفعيل القانون 36-15 المتعلق بالماء، من خلال وسائل هيكلية تهم المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة، وعقود الطبقات المائية.
كما ترتكز على حكامة ترابية مندمجة، تنسجم مع الجهوية المتقدمة، من خلال إشراك الجماعات الترابية، والمجتمع المدني في تفعيل حلول محلية ملائمة لرهانات شح المياه وتغير المناخ.
وتقوم أيضا على اللجوء الذكي للابتكار والتكنولوجيا (نظم المعلومات الجغرافية، والرصد البيزومتري، والتحليلات الدورية، وغيرها)، مما يتيح تدبيرا مرنا ودقيقا للموارد المائية، بالإضافة إلى الإنصاف في استخدام المياه، بما يضمن الولوج العادل إلى المياه في الوسطين القروي والحضري.
وقد مكنت هذه الدينامية المندمجة والمتكاملة من تحقيق فوائد ملموسة انعكست على التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الأقاليم الجنوبية، نظرا لدورها في جذب الاستثمارات، وتعزيز الاستقرار الديموغرافي، وتحفيز القطاعات الرئيسية كالفلاحة والسياحة والطاقات المتجددة.
2- : ما هو أثر سياسة السدود، التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، على تدبير ندرة المياه في الأقاليم الجنوبية؟
تشكل سياسة السدود، المستلهمة من الرؤية الملكية المتبصرة، رافعة استراتيجية أساسية لضمان السيادة المائية للمملكة، وخاصة بالأقاليم الجنوبية المعرضة لهشاشة مناخية شديدة.
وفي هذا السياق، أنجزت وكالة الحوض المائي الساقية الحمراء ووادي الذهب سلسلة من المشاريع المهيكلة، لا سيما إعادة بناء سد الساقية الحمراء الكبير، بسعة تصل إلى 112 مليون متر مكعب، وهو متصل بقناة تغذية اصطناعية لطبقة فم الواد. ويشهد المشروع الجديد، المندرج في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، و البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، والذي كلف استثمارا تجاوز 650 مليون درهم، تقدما ملحوظا بمعدل إنجاز ناهز 83%. وبدعم من وزارة التجهيز و الماء، تتضمن هذه البنية الهيدروليكية مميزات حديثة، منها قناة لتفريغ الحمولات، وتصريف مياه الفيضانات القوية، ومخرجا سفليا، ومآخذ المياه.
وتهدف هذه التهيئة إلى ضمان تدبير أفضل للفيضانات، وتعزيز تغذية طبقة فم الواد، وضمان تدبير مستدام للموارد المائية في المنطقة.
وتشمل هذه المشاريع أيضا بناء 22 سدا صغيرا وبحيرة تلية، بتكلفة إجمالية قدرها 175 مليون درهم، بهدف تغذية الفرشات المائية، ودعم توريد الماشية، وتعزيز قدرة المناطق القروية على الصمود في وجه الفيضانات.
وقد ساهم البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، في تسريع وتيرة هذه المشاريع الرئيسية بشكل ملحوظ، من خلال التمويل المباشر للعديد من هذه السدود التي أ نجزت مؤخرا. وهناك مشاريع مبرمجة حاليا من أجل الانجاز أو توجد في المرحلة النهائية من الدراسات الفنية، مما يعكس الرغبة الوطنية في توسيع التغطية الترابية لهذه البنى التحتية الهيدروليكية للقرب.
من جهة أخرى، فقد تم إنجاز برامج مندمجة للحماية من الفيضانات في عدة مدن، تشمل العيون والسمارة وبوجدور والوطية من خلال هياكل تحويلية وسدود وجدران واقية.
فبفضل هذه المقاربة الاستباقية، أصبحت الأقاليم الجنوبية تمتلك الآن قاعدة مائية معززة، قادرة على التخفيف من المخاطر المرتبطة بشح التساقطات المطرية، وتعزيز تنمية اقتصاد محلي مرن وعادل ومستدام.
3- : ما هي الموارد التي تمت تعبئتها لمواجهة ضعف التساقطات المطرية بالأقاليم الجنوبية، وما هي المشاريع التي تم إنجازها أو التي توجد قيد الإنجاز؟
في ظل ضعف التساقطات المطرية، تعتمد وكالة الحوض المائي الساقية الحمراء ووادي الذهب، بشكل أساسي على المياه الجوفية والموارد المائية غير التقليدية.
وفي هذا الإطار، أنشأت وكالة الحوض المائي الساقية الحمراء ووادي الذهب و المديرية العامة للهيدروليك ، ما يقرب من 2200 نقطة مياه (آبار، وأثقاب استكشافية)، بإجمالي أكثر من 162.000 متر طولي، وبمعدل صبيب إجمالي يتجاوز 3.000 لتر/ثانية.
فيما يتعلق بالموارد غير التقليدية، ساهمت الوكالة، إلى جانب شركاء آخرين، في بناء تسع محطات لتحلية مياه البحر، بطاقة إجمالية تبلغ 66.425 مترا مكعبا يوميا، لفائدة مدن ومراكز العيون، والداخلة، وبوجدور، وطرفاية، وأوسرد.
كما قامت الوكالة بعمليات إزالة المعادن من المياه الأجاج، عبر 13 محطة (46.481 مترا مكعبا في اليوم)، وإعادة استغلال مياه الصرف الصحي المعالجة، عبر تسع محطات معالجة (44.000 متر مكعب في اليوم ).
ومن بين المشاريع المهيكلة، التي يتم إنجازها أو قيد الدراسة، هناك مشروع تحلية مياه البحر في الداخلة، والذي سيمكن من تزويد مدينة الداخلة والميناء الأطلسي المستقبلي بالماء الصالح للشرب، وسقي 5000 هكتار من خلال محطات تعمل بالطاقة المتجددة.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك مشروعان قيد الدراسة حاليا، يتعلقان بإنشاء محطات تحلية مياه لسقي 8000 هكتار في وادي لكراع (بوجدور)، و5000 هكتار في وادي اشبيكة (طانطان).
وترسخ هذه الاستثمارات المهيكلة مكانة المنطقة كنموذج وطني يجمع بين الأمن المائي، والأمن الغذائي والانتقال الطاقي.
4- : ما هي التدابير التي اتخذتها وكالة الحوض المائي لضمان تدبير مستدام للموارد المائية على المستوى الجهوي؟
قامت الوكالة بتفعيل استراتيجية تدبير استباقية، ترتكز على خمسة محاور متكاملة، وتشمل التخطيط المندمج والتأطير القانوني، من خلال المراجعة المستمرة للمخطط المديري للتهيئة المندمجة للموارد المائية، والاتفاقيات التعاقدية مع مستعملي المياه الجوفية، والتطبيق الصارم للقانون 36-15.
وركزت الوكالة بشكل رئيسي على الرقمنة والابتكار التقني، من خلال الاعتماد واسع النطاق للعدادات الذكية، وتطوير قواعد البيانات الجغرافية المكانية، واستخدام الاستشعار عن بعد والتحليل التنبئي للبيانات الهيدرولوجية.
كما تبذل جهودا حثيثة من أجل اليقظة المائية والحماية الوقائية من خلال تعزيز هياكل التحكم في الفيضانات وتطبيق أنظمة الإنذار المبكر، وتعزيز الحكامة التشاركية والتوعية من خلال تنظيم ورشات عمل مع الفلاحين و المنتخبين والمجتمع المدني، لترسيخ سلوكيات توفير المياه وثقافة الاستدامة.
ولضمان تدبير مستدامة للموارد المائية، أ عيد توجيه المياه المعالجة إلى الاستخدامات غير المنزلية (المساحات الخضراء، الصناعة)، والحث على النجاعة في استخدام المياه في جميع القطاعات. وخلاصة القول، فإن هذه الدينامية الشاملة تبرز إرساء منظومة مائية مرنة ومبتكرة وموزعة في الأقاليم الجنوبية للمملكة، بما يكفل لجميع السكان الاستفادة من هذه المادة الحيوية، ومواجهة تحديات التغيرات المناخية، مع ضمان تنمية مستدامة متوازنة.